X

بحث في التراث الأرثوذكسي

أحد الروح القدس – العنصرة

الروح القدس قائدنا إلى الخلاص

القديس ديمتريوس الذي من روستوف

عن كتاب “منهج الواعظ” للمطران أبيفانيوس زائد

الروح القدس يدعى روح النعمة لأنه ينبوع كل خير وصلاح. فهو روح الحكمة في سليمان، والمعرفة في بصلائيل، والمشورة في موسى، والقوة في يشوع بن نون، والتقوى في طوبيا، والفهم في دانيال، وخوف الله في سمعان. الروح القدس يسير بنا في طريق الحياة الأبدية معلّماً إيانا النزاهة وقائداً إيانا الى إستحقاقنا القديم “وعاضداً ضعفنا” (رومية ٨:٢٦)

فإذا كنا في حالة حسنى فالروح القدس يحفظنا حتى لا نحرم من نعمة الله. وإذا تركنا الخطيئة يقوينا ويرفعنا بالفضائل من قوة إلى أعلى حتى نرى الله في صهيون السماوية، وإذا كنا خاطئين يساعدنا على التخلّص من الخطيئة ولا نهلك كما قيل: “لولا أن الرب ناصري لأوشكت نفسي أن تحل في الجحيم” (مز ٩٣:۱٧)

الروح القدس هو المعزي في الأحزان، والنور في الظلام، والناصر في الضيق، والمنقذ في المصائب، والمشير في الارتياب، والحلاوة في المرارة، والقوة في الضعف، والهادي في الضلال، والمرشد في الجهل. هذه هي هبات الروح القدس التي لا يزال يسكبها على المؤمنين إذا أرادوا أن يغسلوا آنية نفوسهم من أدران الخطيئة بدموع التوبة. إننا نقدر أن نرى قوة تأثير الروح القدس في الرسل القدسين فقد كانوا بسطاء غير متعلّمين فكمّلهم الروح القدس بالفهم والحكمة. كانوا خجولين فبث روح السيد فيهم الشجاعة على المصائب والمصاعب. كانوا أُناساً فقراء فمجّدهم الروح المحيي وأغناهم بقوة عجائبه. كانوا ضعفاء فقواهم الروح الإلهي حتى أخضعوا المسكونة كلها للمسيح المخلص.

قد أرشد روح السيد الشهداء الى دنيا الحق وقادهم الى تلك الأرض، حيث تسود الحقيقة وحدها، وحيث لا تمرّد ولا تجربة ولا خطيئة ولا مرض ولا حزن ولا تنهد، بل الفرح الدائم والصحة والرفاه والبركة والمجد. فكما كان العمود الناري يتقدم الإسرائليين ليلاً الى أرض الميعاد والسحابة تظلّلهم نهاراً، كذلك نعمة الروح القدس نار تنير السبل وسحابة تظللنا. وكما أن السفينة الشراعية لا تقدر أن تتمم رحلتها براحة في المياه، إذا لم توافقها الريح، ولو كان لديها كل معدّات السفر، كذلك لا بد لنا من نعمة الروح القدس حتى نجتاز بحر الحياة الحاضرة ونصل الى الحياة الابدية.

فلنصلِّ الى الآب السماوي بحرارة حتى يرشدنا الى الأرض الحقّة بواسطة روح القدس. أيها السيد إلهنا أرسل لنا روحك فتحيا نفوسنا، ويتجدد وجه الأرض. هذه الأرض هي أجسادنا التي سمعت حكمك عليها في القديم: “إنك تراب والى التراب تعود”. جددنا بنعمتك لتصير أجسادنا مسكناً لك لا لروح الشر! أيها الملك السماوي المعزي روح الحق الحاضر في كل مكان وصقع هلمَّ واسكن فينا وطهّرنا من كل دنس، وخلّص أيها الصالح نفوسنا. ايها الروح المعطي الحياة، أنت نار هيوليّة روحية تخمد لهيب الخطيئة وتنير نفوسنا، وتطرد ببرودة عدم الشريعة، وتجري حرارة المحبة في عروقنا. أشعل نفوسنا وأجسادنا في الحياة الحاضرة حتى نهرب من نار الجحيم الأبدية. أحرق بحرارتك الهيولية كل خطايانا حتى لا تحترق بالنار الدائمة.

أيها الثالوث المحيي الإلهي! أيها الآب الأزلي، يا من خلقنا! أيها الإبن الذي هو مع الآب قبل الدهور، يا من أنقذتنا! ايها الروح القدس الذي هو مع الآب والإبن، يا من أنرتنا، وسّع الإيمان الأرثوذكسي، حرر الكنيسة من الهرطقة، شدد الملوك الحسني العبادة، كثّر شعبك، وهب الأرض ثماراً كثيرة، ووطّد السلام المرغوب، وازرع القوة في كل مكان، شدد الرجاء في قلوبنا، أشعل حرارة المحبة فينا وهبنا بعد حياتنا الحاضرة حياة أبدية لأنك وحدك محب للبشر آمين.

admin:
Related Post