X

بحث في التراث الأرثوذكسي

حول الصبر على المحن

مختارات من القديس نيقولاوس فيليميروفيتش


نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

اضطهاد الأتقياء

“بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ” (أعمال 22:14)، “وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ” (2تيموثاوس 12:3).

هذا ما تنبّأ به السيد يسوع وأثبته بالمثال. الرسل أيضاً كرروا هذا الكلام وبرهنوه بمثالهم. كل آباء الكنيسة المتوشحين بالله والمعترفين والشهداء علّموا هكذا بالكلمات والمثال. لهذا، أمن الضروري الشك بأن عبر بابٍ ضيق يدخل الإنسان إلى ملكوت الله؟ أعلينا أن نتردد فيما الدخول إلى ملكوت الله يكون بضيقات كثيرة؟ لا، ما من أساس أو تبرير للشك. أيمكن للخروف أن يعيش بين الذئاب دون أن يهاجموه؟ أيمكن للشمعة أن تكون مشتعلة في الرياح دون أن تترنّح إلى الأمام وإلى الوراء؟ أيمكن أن تنمو الشجرة المثمرة على حافة الطريق دون أن يزعجها المارّة؟ وعلى هذا المنوال، كنيسة النفوس التقيّة لا يمكن إلاّ أن تُضطَهَد وعلى يد الهمجيين والوثنيين والهراطقة والمرتدّين، كما من الأهواء والرذائل، ومن الخطيئة والتعديات، من العالم ومن الشياطين. ما من نفس خاشعة تبقى بلا اضطهاد، خارجي أو داخلي، إلى أن تفترق عن الجسد وعن العالم.
قد يعترض البعض على هذا الكلام ويحاول أن يبرهن غير ذلك بحسب حساباته واستناداً إلى منطقه الخاص. لكن، في هذه الحالة، لا فائدة من فكر إنسان واحد ولا من منطقه. الآلاف الذين صُلِبوا يتكلّمون بغير ذلك، الآلاف الذين أحرقوا أحياءً يصرخون بغير ذلك، الآلاف الذين قُطِعَت هاماتهم يثبتون غير ذلك والآلاف الذين أُغرِقوا يشهدون بغير ذلك. يا إخوتي، ليس الإيمان المسيحي جباراً فقط عندما يتّفق مع المنطق المحسوس والعقل الحسّي بل أيضاً، وبخاصةً عندما يتعارض مع التفكير والمنطق الحسّيين.
إن الذين يرغبون بأن يسلكوا في حياة إلهية سوف يضطهدون. هذا ما تنبّأ به الرسول في بداية الزمن المسيحي وما رددته القرون المسيحية العشرون بصوت مزدوج لتثبّت حقيقة النبوءة.
أيها الرب القائم من بين الأموات، امنحنا النور لنكون أتقياء إلى المنتهى وأعطنا القوة لتحمّل الاضطهاد إلى النهاية. آمين.

الصحة الجسدية ليست أهمّ شيء

من دون شك، الصحة الجسدية هي منحة من الله. لكن الصحة الجسدية ليست بأي شكل من الأشكال أهمّ عطية في هذا العالم كما يتكلّم ويكتب الكثيرون. إذ مهما كان نوع الصحة الجسدية فهي عابرة، ولا يمكن أن نسمّي ما هو عابر أعظمَ بركات الإنسان. القيم الدائمة أغلى قيمة من تلك العابرة، كما أن الأبدية أغلى ثمناً من الزمن. القيم الدائمة تدخل في إطار صحة النفس. كتب الأب يوحنا كرونشتادت: “أنا نفسي أحسّ أنني عندما أكون في صحة تامّة، وعندما لا أتعب نفسي بالعمل، أموت بالروح ولا يكون ملكوت الله في داخلي، من ثمّ جسدي يتحكّم بي والشيطان يتحكّم بالجسد”.

admin:
Related Post