X

بحث في التراث الأرثوذكسي

لا تقدر أن تدخل ملكوت السموات بدون محبة

القديس غريغوريوس الكبير


نقلها إلى العربية المطران أبيفانيوس زائد

“فلما دخل الملك لينظر المتكئين رأى هناك رجلاً ليس عليه حلة العرس” (متى22: 11). إن رسول المحبة يقول “لأنه هكذا أحب الله العالم حتى أنه بذل ابنه الوحيد” (يوحنا3: 16) إن ذلك إذ جاء إلى الأرض بمحبته قد عيّن هذه المحبة ذاتها لتكون حلة العرس. وعليه يجد كل منا في كنيسة المسيح الأرثوذكسية أنه قد جاء إلى وليمة العرس فليحفظ نعمة المحبة حتى تكون عليه حلة العرس. إن المحبة تشتمل على وصيتين وهما محبة الله ومحبة القريب: “أحبب الرب إلهك من كل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قدرتك وأحبب قريبك كنفسك” (مرقس12: 30و31) وقد نجد مقياساً في محبة القريب لأنه قيل أحبب قريبك كنفسك. أما محبة الله فلا حدود لها. يحب الله حقيقة من لا يبقي شيئاً لنفسه. ومحبة الله الحقة تكون في محبة الله ومحبة الصديق ومحبة العدو من أجل الله تعالى. لذلك أوصانا السيد: “أحبوا أعداءكم وأحسنوا إلى من يبغضكم” (لوقا6: 27) إن محبة كهذه تكون حقاً حلة للعرس وكل من يتكىء في العرس من دون هذه الحلة قد يطرده الملك خارجاً متى دخل.

فيا أبناء كنيسة المسيح الأرثوذكسية! إننا جئنا بإيمان إلى وليمة عرس الملك السماوي. فلننتبه، ولننظر هل جئنا بحلة العرس إلى العرس. لنستعرض في ذاكرتنا أفكارنا باحتراس. لنفتش قلوبنا، ألا يوجد فيها بغض أو شر. هوذا الملك يدخل إلى وليمة العرس ويرى حالتنا ويقول بغضب لكل من لا يجده لابساً المحبة: يا صاح كيف دخلت إلى ههنا وليس عليك حلة العرس؟ قد يدعوه الملك صديقاً ويطرده وقد يقول له بوضوح: صديقي، وغير صديقي – صديقي بالإيمان، وغير صديقي بالأعمال. فيصمت المسؤول لأن لا وقت للمرء أن يبرر نفسه يوم الدينونة حيث يعطى الجزاء عن الأعمال. عندئذٍ يقول الملك للخدام: أوثقوا يديه ورجليه واطرحوه في الظلمة البرانية هناك يكون البكاء وصرير الأسنان. حينئذٍ يحكم الضمير فتوثق أيدي وأرجل أولئك الذين لم يريدوا أن يوثقوا ذواتهم عن عمل الشر بإصلاح حياتهم. حينئذٍ يربط العقاب أولئك الذين لم يربطوا ذواتهم عن عمل الشر بل حادوا عن عمل البر. تلك الأرجل التي لم ترضَ أن تعول المريض، وتلك الأيدي التي لم تعط الحسنة للمحتاج، تربط بحكم الإرادة. وهكذا نرى أولئك الذين ربطتهم الخطيئة باختيارهم يربطون العقاب رغم اختيارهم فيوجَّه كل من أدين إلى الظلمة الأبدية ويرسل أولئك الذين سقطوا في عمى قلوبهم بإرادتهم إلى ظلام الدينونة (متى22: 11و12).
أيها الإخوة الأحباء. إن المدعوين كثيرون والمختارين قليلون. قد نعلم أننا من المدعوين، لكننا لا نعلم إن كنا من المختارين فيجب على كل منا أن يرتعد ويخاف من أجل أعماله متّكلاًً على رحمة الله في كل شيء فلا يجوز لأحد أن يتكل على قوته الخاصة. إن من يقوّي اتكالنا هو الذي ارتضى أن يأخذ طبيعتنا البشرية لأجل محبته لنا هو سيدنا يسوع المسيح الذي يملك مع الآب الأزلي والروح المحيي إلى دهر الداهرين آمين.

admin:
Related Post