النزاعات: نظرة أرثوذكسية

المتقدم في الكهنة أندريه ليموشونوك

أسرة التراث الأرثوذكسي

كيف ترى الأرثوذكسية النزاعات بشكل عام؟ وبشكل خاص، ماذا عن النزاعات بين الأشخاص أو في داخل الشخص بذاته؟ كيف تنظر الأرثوذكسية للعنف بكل أشكاله؟ ما هي وجهة نظر الأرثوذكسية في الحروب والصراعات؟

على هذه الأسئلة يجيب المتقدم في الكهنة أندريه ليموشونوك الأب الروحي لدير القديسة أليزابيت بما يلي:

أول نزاع جرى في الكون كان عندما لم يثبت إبليس في المحبة، ولم يثق بالله، وأهمل المجد والجمال اللذين منحهما الله له، وقرر أنه لا يريد طاعة الله من بعد. لقد أراد ان يصير هو نفسه إلهاً. الثالث بين الملائكة انفصل عن الله، بحسب تعليم الكنيسة. مع هذا، انتصر الملائكة الصالحون، وقام الملاك ميخائيل، أحد المحاربين للمسيح، برمي إبليس إلى العالم السفلي.

الرب ليس مع القوة بل مع الحق. لهذا، النزاعات هي ظاهرة حتمية عن العالم الذي انحرف بعيداً عن الله.

النزاع الثاني كان عندما لم يثبت الإنسان في المحبة ورمى اللوم في ذلك على الله خالقه. إن طبيعتنا موبوءة بالخطيئة، وبالتالي علينا أن نحرّك ذواتنا في كل وقت لنسمرّ في العمل الجاد لأن ملكوت السماوات يتألّم من العنف.

أما عن النزاعات مع الآخرين، فإن كنا نتكلم عن أعداء بلادنا أو الذين يريدون أن يمنعونا عن ممارسة إيماننا، فعلينا أن نقاتلهم. نحن نعرف أن القديس سرجيوس رادونيج أرسل اثنين من رهبانه إلى جيش ديمتري دونسكوي واستشهدا في المعركة. نحن نعرف أيضاً أن الكنيسة تبارك الدفاع عن حدود البلاد والإيمان والأمة. الجنود الذين سقطوا خلال الحرب الوطنية الكبرى وغيرهم ممن ماتوا في خدمة أمتهم، مقبولون في الملكوت السماوي. لا ترضى الكنيسة أن نكون سلبيين وغير معنيين بما يتعلّق ببعض أشكال الشر.

حالياً، هناك حرب روحية مستعرة. على الكنيسة أن تنخرط في هذه المعركة وتعمل ما هو ممكن لمساعدة الناس على إيجاد الله والمباشرة بحياة مسيحية جديدة. مستقبل العالم برمته يتوقف علينا. كل ما يجري في العالم هو تتمة لتلك الحرب التي اندلعت بعد النزاع الأول.

الشيطان يعمل أي شيء بمقدوره ليبعد الناس عن الله ويقسّمهم وبشكل خاص يجردهم من كل فرص العيش في الملكوت السماوي وخدمة خالقهم. هذا هو لبّ الصراعات بين الأشخاص. يقول الرسول بولس: “لأني أعلم أن فيّ يعيش شخصان… (أنظر رومية 17:7-23). هذا الشخصان يتحاربان مع بعضهما البعض. علينا أن نكون واضحين في أي طرف نأخذ. لقد اعتاد فيودور دوستويفسكي على القول أن القلب البشري هو ساحة حرب حيث الشيطان يقاتل الله ليسيطر على القلب. لا يستطيع المرء أن يكون مراقباً عاجزاً.

يحتاج الإنسان لمعونة الله ليستوعب جوهر النزاع. إذا أصرّ كل واحد على حقه فهذه خطيئة إذا دافع المرء عن الآخرين، إذا دافع عن إيمانه ومعتقداته، فهذا أمر على كل مسيحي أن يعمله. ما أن نصير مسيحيين من خلال سر المعمودية، نصير محاربين للمسيح. إن حربنا ليست مع لحم ودم. إنها ضد أرواح الشر. هذا ما يخبرنا به الرسول بولس. هذه الحرب، الحرب اللامنظورة، تستمر حتى نَفَسك الأخير على الأرض.