“الوحدة”، “الانقسام”، و”الاتحاد” على ضوء الإكليسيولوجيا الأرثوذكسية

“الوحدة”، “الانقسام”، و”الاتحاد” على ضوء الإكليسيولوجيا الأرثوذكسية

الأب ألكسندر شميمن

نقلها إلى العربية الأب أنطوان ملكي

 

بعد سبع وخمسين سنة على كتابة هذه المحاضرة، ما زالت تحتفظ بقيمتها النابعة من آنيّتها. فالوصف المطروح فيها ما زال قائماً إلى اليوم. ومع أن موقف الكثلكة تبدّل كثيراً في الظاهر، حتى أن بعض الأرثوذكس حاضروا عن البابوية في الفاتيكان، إلا أن أسئلة من النوع الذي يطرحه الأب شميمن في هذه المحاضرة لم تعد تثير اهتمام الناس، العاديين واللاهوتيين على السواء. وعدم الاهتمام هذا لا يعني أن الناس حصلوا على أجوبة هذه الأسئلة، ولا أن حالة الوحدة الحقيقية موجودة اليوم أكثر من قبل بالرغم من كثرة الكلام عن الوحدة. لذا كان من الضروري نقل هذه المحاضرة إلى العربية سعياً إلى توضيح المعنى الحقيقي للوحدة والذي لا يمكن اختصاره أو حصره بالمشاريع والنشاطات واللقاءات (المترجم)

“لاهوت الانقسام”. إنه اسم غريب لفرع جديد من اللاهوت نَبَت من السعي المعاصر إلى الوحدة المسيحية. تقوم أسباب نشوئه في تلك الفكرة المنتشرة عن طبيعة الكنيسة، التي تُوصَف عامةً بأنَها “كاثوليكية”، وهذا مفهوم يمكن وصفه بالـ “أفقي”، ما هو مغاير للمفهوم “البروتستانتي” أو “العمودي”. هذه الفكرة الكاثوليكية عن الكنيسة تقود بشكل محتوم إلى المفارقة التالية: كل بحث عن إعادة الوحدة يفترض اتفاقاً مبدئياً حول ماهيّة الوحدة. من الجهة الأخرى، يستثني المفهوم “الكاثوليكي” للوحدة كل إمكانيات الانقسام الحقيقي، إذ، من جهة، يقودنا هذا التصوّر الكاثوليكي إلى التأكيد على الوحدة العضوية للكنيسة، أو بكلام أكثر دقة، التأكيد على أن الكنيسة هي وحدة عضوية، وإذا كانت هذه الوحدة العضوية يُعبَّر عنها في البنية الخارجية للكنيسة وفي استمراريتها التاريخية، يكون عندها الانقسام تناقضاً بديهياً بالتعابير؛ إذ في المصطلحات الكاثوليكية هذا الانقسام سوف يعني انقسام المسيح بذاته. إن “لاهوت الانقسام” يُقَدَّم في بعض الأحيان كمحاولة لإيجاد مخرج من هذا الطريق المسدود، “الكاثوليكي” بشكل خاص، وللتوفيق بين الاستحالة الكاثوليكية للانقسام في الكنيسة والحقيقة التاريخية.

ينبغي الاعتراف في المقابل بأن اللاهوتيين الأرثوذكسيين بعيدون عن التوصّل إلى اتفاق حول هذا الموضوع، وبأنّ هذه النظرات التي قدّموها في السنوات الأخيرة حول معنى انقساماتنا تبدو دائماً مَنْعية بشكل متبادل. تمتد هذه النظرات من الإنكار الكامل لوجود أي كنيسة أثرية (قديمة) خارج حدود الكنيسة الأرثوذكسية، رافضة حتى شرعية أسرار الكنيسة الكاثوليكية، إلى نوع من تبرير الانقسام في المسيحية استناداً إلى عقيدة خلقيدونية. إن تنوّع هذه النظريات، كما أرى، مردّه إلى حقيقة أنّ الإكليسيولوجيا الأرثوذكسية هي إلى الآن، تقريباً، غير نامية بالكلية. إن الشك في موقف الأرثوذكس عند هذه النقطة هو تدارك خطير، إذ إن الذين يحاولون الدرس اليوم هم، في ذلك، محرومون من المقدمات المنطقية المحددة بشكل واضح بإجماع في الرأي اللاهوتي الأرثوذكسي. لهذا السبب، لا يمكنني أن أقدّم أكثر من موجز قصير لموضوع يحتاج إلى كتاب كبير لمعالجته بشكل شامل. ورقتي إذاً ليست سوى محاولة متواضعة لاقتراح بعض المواضيع للتأمّل، وأستطيع أن أقدمها لكم لا كجواب لمسألة، بل بالأحرى كمجموعة من الأسئلة.

سوف أقصر نفسي على أحد أوجه المسألة الذي يبدو لي ذا أهمية جوهرية. إنه الاختلاف بين طرق الأرثوذكس والكاثوليك في تفسير الوحدة العضوية للكنيسة. أشير إلى الكثلكة بصراحة لأني أؤمن بأن من أوائل مهمات الإكليسيولوجيا الأرثوذكسية إيجاد طريقة للتحرر من بعض التأثيرات الكاثوليكية. يمكن إيجاد هذه التأثيرات في مفاهيمنا لوحدة الكنيسة العضوية. وهذه التأثيرات، كما أرى، خطيرة بشكل خاص، لأن طبيعتها الخاصة أخفتها عن عدد من اللاهوتيين الأرثوذكس في مقاومة الأرثوذكسية المزمنة لكرسي روما: لقد استعيض بهذه المقاومة عن المناقشة الجوهرية لخلافاتنا الإكليسيولوجية. قد يبدو للوهلة الأولى أن الوجه الوحيد لعقيدة الكنيسة الذي يرفضه الأرثوذكس هو ذلك المتعلّق بالبابوية كما وضعها مجمع الفاتيكان، وهو، كتعليم، ليس إلا مجرّد بنية فوقية هرطوقية بحسب التعليم الأرثوذكسي. مع هذا، ضروري أن نعي أن عقيدة أولية البابا ووجود البابوية، كسابق لهذه العقيدة، ليسا سوى نتيجة منطقية لمفهوم محدد للوحدة العضوية في الكنيسة. بشكل مبسّط، يمكن تحديد هذا التصوّر كما يلي: في اللاهوت الروماني، هذه الوحدة، أي الكنيسة ككائن حي، هي بالدرجة الأولى الكنيسة العالمية (Universal) أي مجموع الكنيسة المنظورة على الأرض التي، في وحدة تنظيمها وبنيتها العالمية، هي ظهور جسد المسيح السريّ وامتداده. يقول الأب كونغار: “إله، مسيح، معمودية، كنيسة مؤسسة واجتماعية”، ومن هذا يدلّ ضمناً على مفهوم للكنيسة من خلال “الأجزاء” و”الكلّ”. ويسعى اللاهوت الكاثوليكي إلى تحديد للكنيسة في هذا المفهوم. بحسب الأب كونغار نفسه، “تتحرّك الأجزاء المختلفة فعلاً في مجموعة هي بالحقيقة كلٌّ، نظام من الأجزاء التي تكون بالحقيقة أجزاء”. إن كل الكائن الحي، الذي هو الكنيسة، هو وجودياً سابق لكل أجزائه، وفقط بالكلّ ومن خلال الكلّ تتحّد الأجزاء بالكنيسة. يبدو لي أنّ هذه النظرة لوحدة الكنيسة، أي بالتحديد ككائن حي منظور وعالمي، هي ما يفترض رأساً واحداً، أي أسقفاً عالمياً فيه تتثبّت الوحدة وتجد ملئها. إذاً، الكنيسة ككائن حي، ككلّ، هي كنيسة روما “كنيسة مقدسة كاثوليكية ورومانية”، بحسب ما نقرأ في الرسالة البابوية “الجسد السري Mystici Corporis” (الذي به نصير أعضاء لجسد المسيح).

الفرق الأساسي بين الأرثوذكسية والكثلكة حول هذه النقطة، كما سوف أحاول أن أبيّن، حيوي ووثيق الصلة بمسألة إعادة الوحدة. يمكن التعبير عن النظرة الأرثوذكسية كما يلي: لا يمكن تطبيق مقولة الوحدة العضوية بدقة إلا على الكنيسة المحلية. أريد أن أوضح أن ما أعنيه بالكنيسة المحلية ليس فقط واحدة من تلك التجمعات التي تتطابق حدودها مع الأمم أو الدول، التي نسمّيها كنائس مستقلّة كالكنيسة اليونانية أو الروسية، بل هي جماعة واحدة متّحدة برئاسة أسقف واحد وعندها في الاتحاد معه ملء الحياة الأسرارية. وحدها الكنيسة المحلية، على هذا الشكل، يمكن أن نسميها “كائناً حياً” باللغة الإكليسيولوجية. وهكذا كنيسة لا تكون، ككائن حي أو جسم أسراري، “جزءاً” أو “عضواً” من كائن عالمي أوسع. إنهّا الكنيسة بذاتها. أنا أعي أني بهذا الكلام أعرّض نفسي لانتقاد عدد كبير من اللاهوتيين الأرثوذكسيين ممن يميلون إلى رؤية الكنيسة بالصورة التي يستعملها لاهوتيو روما ويعبّرون عنها بأنها “الكائن الحي العالمي”. ومع ذلك، أؤمن بأن النظرة التي أقدمها لكم اليوم تتبع مباشرة، وبشكل منطقي، المفهوم الأرثوذكسي لجامعية الكنيسة. لن أكرر ما سبق قوله في أحد المؤتمرات الذي خُصِّص لهذا الموضوع، بل سوف أذكركم بأنّ، بحسب النظرة الأرثوذكسية، “الجامعية” ليست في عالمية الكنيسة بل هي بالدرجة الأولى في كمالها، كمال الحياة في كل زمان ومكان. يتبع من هذا التحديد أن هذا التصنيف( “الأجزاء” و”الكل”) لا ينطبق على الكنيسة لأنها جامعة، بل لأن “الجزء” فيها ليس متفقاً وحسْب مع “الكل”، ويتطابق معه ويخضع له، بل هو مماثل له ويجسّده. بكلام آخر، الجزء هو الكلّ. الكنيسة جامعة في الزمان والمكان. في الزمان، لأنها ليست مترابطة “أفقياً” مع الرسل دوماً، بل هي بالحقيقة نفس الكنيسة، نفس الجماعة الرسولية، مجتمعة επί το αυτό (أعمال 45:2، 47). إنها جامعة في المكان لأن كل كنيسة محلية، في وحدة الأسقف مع الشعب، تتقبّل ملء المواهب وتُعلَّم كلّ الحقيقة وتمتلك كلّ المسيح، “حيث المسيح هناك الكنيسة”. التسلسل الرسولي الذي هو أساس جامعية الكنيسة في الزمان، هو على المنوال نفسه أساس جامعيتها في المكان: هذا يعني أن كل كنيسة محلية تمتلك ملء المواهب الرسولية وليس كجرد حصة منها. ما يمكن أن نسمّيه البنية “الأفقية” للكنيسة هو حالة جامعيتها الأولية: فيما جامعيتها هي ملء الكنيسة، دائماً وحيثما كان، يُعطى لها في المسيح الملءَ الذي ما هو في النهاية إلا ملء المسيح نفسه.

لا يمكن فصل وحدة الكنيسة عن جامعيتها، ولا يمكن لها أن تتبع أي قانون غير الجامعية، من خلال كون جوهر الكنيسة “امتداد التجسد الإلهي وملؤه، لا بل حياة الابن المتجسد مع كل ما احتمل من أجل خلاصنا: الصليب والقبر والقيامة في اليوم الثالث والصعود إلى السماوات والجلوس عن يمين الآب”. بتعبير آخر، طبيعة وحدة الكنيسة هي بالدرجة الأولى أسرارية، إذ في الأسرار يتحقق ملء المسيح ونصير مشاركين فيه ومختومين من خلال هذه الشركة في الأسرار، وتكون وحدتنا العضوية، أحدنا مع الآخر، في جسد المسيح مشكِّلين معاً مسيحاً واحداً. لكن طبيعة الكنيسة الأسرارية تفترض مسبقاً استعمال التصنيف “العضوي”، بالإشارة إلى الكنيسة المحلية. فالكنيسة المحلية هي ذلك الكائن الحي الأسراري الذي يقتني في أسقفه ملء المسيح، ملء الوحدة، ملء القداسة والجامعية والرسولية. وبالحقيقة، هذه الصفات الكنسية ما هي إلا علامات وحدة الكنيسة الأساسية مع المسيح. لا يمكن للأسقف أن يكون أسقفاً لجزء من الكنيسة كون وحدته مع كنيسته ليست فقط صورة لوحدة المسيح مع الكنيسة، أي وحدة شعب الله، بل هي أيضاً عطية الملء الحقيقية، مفعَّلة أبدياً في الأسرار.

الخلل المميت في الإكليسيولوجيا الكاثوليكية، من وجهة النظر هذه، هو أن هذه الصفة العضوية للكنيسة المحلية كأساس للوحدة، قد تمّ نقلها إلى الكنيسة العالمية التي صارت بالحقيقة كنيسة محلية ضخمة تتطلب، كنتيجة وبشكل طبيعي، أسقفاً واحداً هو مركز ملء الكنيسة ومصدره. إذا كانت الكنيسة عالمية فيجب أن يكون لها أسقفها العالمي، على غرار امتلاك الكنيسة المحلية لوحدة عضوية في أسقفها. دوم كلامان ميالين، في تعليقه على الرسالة “الجسد السري”، يقدّم ملاحظة مهمة تؤدّي بعقيدة الوحدة العضوية للكنيسة العالمية إلى استنتاجات متطرفة. في التعليق على المقطع الذي يعالج مكانة الإفخارستيا في وحدة الكنيسة، يقول: “يمكننا أن نضيف أن صورة الجسد السري تتحقق بشكل كامل عندما يكون كاهن المسيح الأكبر هو الذي يقيم الذبيحة المقدسة”. ليس من إثبات أكثر وضوحاً بأن كل لاهوت الكنيسة المحلية وعلاقتها مع الأسقف، كما يُعبَّر عنها في رسائل القديس أغناطيوس الأنطاكي، قد تمّ نقلها إلى وظيفة أسقف الكنيسة العالمية. لكن، بحسب النظرة الأرثوذكسية، هذا النقل يعني استبدال عالمية الكنيسة بجامعيتها، إذ إن ملئها هو الذي يؤهّلنا دائماً وففي كل مكان، “في هذا العالم”، لتفعيل كامل المسيح ولحمل الكنيسة كاملة في ملئها وقدرتها الخلاصية إلى الشعب؛ وعليه، هذا النقل يمنع “الاثنين أو الثلاثة المجتمعين معاً” من أن يكونوا شهوداً لحقيقة تجسد ابن الله كاملة. إني مقتنع بأننا إذا تبنيّنا هذه التصنيفات للكائن الحي العالمي، سوف يقودنا اللاهوت الأرثوذكسي إلى روما بشكل لا يمكن تلافيه. إنه لمستحيل بالواقع أن نستمر في الدفاع، كما يفعل الأرثوذكس دائماً، عن أن الكنيسة هي كائن حي، من دون رأس منظور، إذ إن رأسها غير المنظور هو المسيح نفسه. يعود هذا التأكيد إلى الفشل في فهم العلاقة الفعلية بين “المنظور” و”غير المنظور” في الكنيسة. إذا كانت الكنيسة جامعة، يكون جوهرها غير المنظور حاضر فعلياً ومتجسداً في طبيعتها المنظورة وبنيتها المنظورة؛ هذه ليست مجرد رموز لأن الكنيسة المنظورة هي بالحقيقة جسد المسيح.

لكن ماذا نعني بوحدة الكنائس وما هي طبيعة الوحدة المنظورة للكنيسة الكاملة في كل العالم؟ واضح أنّه إذا لم يكن ممكناً تطبيق المفاهيم الكاثوليكية عن “الأجزاء” و”الكلّ” على هذه الوحدة، فيجب أن يُعبَّر عن هذه الوحدة وجودياً من خلال الهوية؛ يتبع أن وحدة الكنائس هي حقيقية على درجة مساوية للوحدة العضوية في الكنيسة المحلية التي هي “وحدة الكنيسة” وليست مجرد وحدة بين الكنائس. ليست النقطة أن كل هذه الكنائس المحلية تشكّل معاً كائناً واحداً، بل أن كل كنيسة، ككنيسة وكوحدة أسرارية، هي الكنيسة نفسها ظاهرة في مكان محدد. ترتكز هذه الهوية على البنية الأسرارية لكل كنيسة: التسلسل الرسولي والأسقفية والأسرار. وهكذا نعود إلى نفس الوحدة العضوية للكنيسة، لكن تلك التي فيها لا تكون الكنائس مكملة الواحدة للأخرى، وليست “أجزاء” أو “أعضاء”: الكنيسة الواحدة الجامعة الرسولية هي كل واحدة منها وهي كلها مجتمعة.

 

 

هذا، في أي حال، هو الوجه الوحيد لوحدة الكنيسة، وجه قد يوصف بالوجودي. مع هذا، ليست الكنيسة شيئاً مُعطى للبشر من الله بالمسيح، بل هي تتضمن قبولهم واستيعابهم لهذه العطية واستجابتهم لدعوة الله واختيارهم. وإذا كان هذا المُعطى هو الملء المتماهي دائماً مع نفسه، ملء الكنيسة الإسخاتولوجي، حتى المسيح نفسه، يستحيل عندها تجريد هذا الملء من تجسده وظهوره في التاريخ. بهذا المعنى، الإكليسيولوجيا الجامعة هي أيضاً بشكل أساسي لاهوت تاريخ الكنيسة. ينبغي أن أشدد على أنني أعني لاهوت تاريخ الكنيسة وليس فلسفة التاريخ. تسعى فلسفة التاريخ إلى اكتشاف معنى العملية التاريخية، لاهوتها. وبهذا المعنى، الشكل الحقيقي الوحيد لفلسفة التاريخ هو التاريخ المقدس للعهد القديم، تاريخ الخلاص، متحركاً بشكل كلي نحو تحقيقه، أي نحو تجسد ابن الله. وهذا التاريخ قد تمّ. “ولمّا حلّ ملء الزمان أرسل الله ابنه” (غلاطية 4:4). فيه مُنح ملء الألوهية وملء الخلاص للبشر. تاريخ الخلاص تمّ و”زمن الكنيسة” أخروي: “الزمان الأخير”. من وجهة نظر تاريخ الخلاص، ليس للكنيسة تاريخ، إنها بالفعل في حالة الملء، وهي دوماً التحقيق لملء الخلاص المكتمل بالمسيح مرةً وللأبد.

إن القول بأن للكنيسة تاريخ يعني أن ملء الخلاص هذا ليس فقط معطى للبشر بل هم يقبلونه، أي أن الطبيعة البشرية المستعادة والمتجددة في التجسد، تصير قادرة على تقبّل الخلاص واستيعابه؛ الحقيقة التاريخية هي أن عالمنا هذا يمكنه أن يتقبّل المسيح فعلياً وأن تكتسب طبيعتنا البشرية الامتثال له. الإله صار إنساناً والكلمة صار كلمةَ الكتابات المقدسة البشرية. وكما أنّه يستحيل إنكار تجسد المسيح أو فصل كلمة الله عن كلمة الإنسان، كذلك يستحيل تجريد الملء الأخروي للكنيسة في ظهورها التاريخي والبشري. يفترض لاهوت تاريخ الكنيسة مسبقاً أن في التاريخ، في العالم المتغيّر المحدود، يمكن أن نفهم، بشكل مناسب، الحقيقة الإلهية التي مُنحَت بالمسيح ونعبّر عنها ونستوعبها. وهكذا، من وجهة نظر محض تاريخية، تاريخ الكنيسة، مثل أي تاريخ آخر، طارئ. مثلاً، بنية الكنيسة الأولى تشكّلت بالعالم الذي ولدت فيه، والصيغ العقائدية للمجامع المسكونية، العقيدة الفعلية للكنيسة والتطور في تنظيمها حددتهما عوامل تاريخية بحتة. لكن طبيعة الكنيسة هي تلك حيث يمكن التعبير بأشكال تاريخية عن كل ما هو إلهي ومطلق وأخروي، وحيث كلّ ما هو تاريخي بحت يمكن أن يتجلّى وأن يشاكل الحقيقة. أكثر من ذلك: هذه هي مهمة الكنيسة. فكما أن كلاً منّا قد أخذ في المعمودية ملء عطايا الخلاص، وصار “مشتركاً في موت المسيح وقيامته”، ووجد حياة جديدة، وهو مدعو إلى أن ينمو فيها، كذلك هي الكنيسة “إِلَى أَنْ نَنْتَهِيَ جَمِيعُنَا إِلَى وَحْدَانِيَّةِ الإِيمَانِ وَمَعْرِفَةِ ابْنِ اللهِ. إِلَى إِنْسَانٍ كَامِل. إِلَى قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ.” (أفسس 13:4)

هذا المفهوم، عن وحدة الآخرة والتاريخ ضمن الكنيسة، يقدّم المفتاح للفهم الصحيح لتقليد الكنيسة. من جهة، ترفض الكنيسة الأرثوذكسية نظرية “تطوّر العقيدة” التي تُعتَبَر نوعاً من التوسيع الكمّي للحقيقة: كل الحقيقة معطى للكنيسة منذ البدء وهو يُنقَل، كاملاً، إلى الكنيسة دوماً وفي كل مكان. ليست الحقيقة هي التي تكبر بل نحن ننمو في الحقيقة. لكن، من جهة أخرى، هذا النمو ليس مجرد سلسلة من الإدراكات التاريخية النسبية للحقيقة الواحدة نفسها، بل هو استجابة حقيقية وملائمة لقضاء الله، ثمرة التجسد والروح القدس؛ وهكذا يصير جزءاً متكاملاً من حياة الكنيسة ويُنقَل على هذا المنوال في التقليد. هذا ليس بعدُ مجرد “تبياناً”، ذا قيمة تاريخية فقط، من خارج التقليد لبعض أسس “لبّ” التقليد: إنه التقليد بذاته، الحقيقة نفسها ظاهرة ومعبّر عنه. بهذا المعنى، يتضمّن التقليد، بالنسبة لنا، الكتاب المقدس الذي يشكّل أساس التقليد ومحتواه، والصيغ العقائدية وقداسة القديسين وإكرام والدة الإله وكل تعليم الكنيسة وحياتها.

سمة وحدة كل الكنائس، أي كامل الكنيسة الجامعة، وشرطها هو وحدة التقليد أي ذلك التفسير الملائم لملء الكنيسة الأخروي الذي وحده يسمح لنا أن نفهم وحدتنا ونبرزها، ليس فقط أن نؤمن بها بل أن نمتلّكها. هذه هي الوحدة في الحق، أي في الحق الصادق الموضوعي، ليس فقط في مجرد تعبير عنه باهت نسبي وتاريخي. قد يعترض البعض بأن هذه كلمات بشرية ومعتقدات بشرية وحقائق بشرية. لكن ينبغي ألاّ ننسى أن كلمة “بشري” اكتسبت معنيين مختلفين من يوم صار الإله إنساناً وبقي إنساناً: قد تعني مجموع الضعفات البشرية، أي الخطيئة والابتعاد عن الله؛ وقد تعني بشرية المسيح المتألّهة والممجدة: “نحن جسد المسيح” (1كورنثوس 27:7)، “وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ.” (1كورنثوس 16:2)، “فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ.” (غلاطية 20:2): هذه الكلمات، كما لفظها أحد الناس، تقدر الكنيسة على قولها أيضاً… ولهذا السبب، تقليدها وإيمانها وحقها، الذين تقبّلتهم وشهدت لهم بالروح القدس، هم التعبير الحقيقي عن وحدتها. وحدتنا بالمسيح لا نستطيع إظهارها بطريقة أخرى غير هذه “الوحدة في الإيمان والمحبة” التي بها حدد القديس أغناطيوس الأنطاكي الكنيسة. وحدة الكنيسة الأخروية، هويتها في الزمان والمكان، تظهر في الوحدة الإيمانية الحقيقية التاريخية المنظورة. ومعيار هذا الإيمان هو، مرة أخرى، تقليد الكنيسة التاريخي. الأريوسية والطبيعة الواحدة والنسطورية كانت هرطقات شرقية في القرنين الرابع والخامس. مع ذلك، إن العقائد التي صاغتها الكنيسة كرد على هذه الهرطات ليست مجرّد عقائد شرقية من القرنين الرابع والخامس. إنّها الحقيقة الجامعة بذاتها، كلمات الروح القدس في الكنيسة، وهذه الحقيقة لا يمكن أن تكون نسبية. لا يكون الدخول إلى الكنيسة والعيش فيها بمجرّد تحقيق وحدة شخصية وأخروية مع المسيح؛ إنه يتضمّن ضرورة دخول الكنيسة التاريخية والعيش فيها وهي التي تملك لغتها الخاصة وشكلها التاريخي الخاص، كما يتضمّن قبول هذا التاريخ وكأنّه التاريخ الشخصي. وبعيداً عن دفع الحقيقة الجامعة أسفل إلى مستوى حاجات الإنسان وزمانه، هذا العمل يتضمّن توسيعاً مستديماً لشخصية الإنسان وإيمانه ولغته، في التقدم نحو الجامعية الكاملة.

للخلاصة، تتحقق وحدة الكنيسة ويُعَبّر عنها في وحدة الإيمان التي تظهر في الاتفاق الجامع لكل الكنيسة؛ من خلال هذا الاتفاق يعرف كل واحد كنيسة الآخرين كما يعرفونها هم، وفي الآخرين نعرف الكنيسة الواحدة الجامعة. إن هذا الاتفاق الجامع هو الذي يجد تعبيره في شركة الأسرار، في المناولة المشتركة؛ من خلاله يُعتَرَف بأسرار الكنيسة الأخرى وكأنها أسرارنا، وفي النهاية كأسرار الكنيسة العالمية. ليست الكنيسة كائناً حياً عالمياً، ومع هذا، إيمانها هو دوماً الإيمان العالمي، إيمان الرسل والآباء والمعلمين؛ إنه وحدة منظورة، وحدة الكنيسة الجامعة في كل الأرض (1). 4

.

يبدو لي أنني أستطيع الآن أني أجازف بِأن أخرج بعدد من الاستنتاجات المتعلّقة بموقف الكنيسة الأرثوذكسية، من واقع الانقسام والمعنى الذي تعلّقه على فكرة “إعادة الوحدة”. يجب أن نشير بالمقابل إلى أن الموقف من الانقسام عند أغلبية اللاهوتيين المعاصرين مختلف جداً عن موقف الكنيسة الشرقية في أزمنة المجامع المسكونية وبيزنطية. يمكن القول أن اللاهوتيين المعاصرين يسعون قبل كل شيء إلى اكتشاف معنى الانقسام ويرغبون بشكل يوهم بالتناقض إلى تحديد ما يمكن تسميته حالة الانقسام اللاهوتية. كيف يمكن أن يكون الانقسام، ما هو مصير الأسرار في كنيسة أو جماعة منفصلة عمّا يُفتَرَض أنّه الكنيسة الحقيقية، ما هي شرعية رتبهم: هذه هي الأسئلة المثارة اليوم. يبدو لي أن كل هذه الأسئلة التي يسعى “لاهوت الانقسام” إلى الإجابة عليها، هي مرتبطة بشكل جوهري بالمفهوم الكاثوليكي للكنيسة على أنها كائن حي عالمي، ولا يمكن أن تنشأ هذه الأسئلة إلاّ من افتراضات كاثوليكية. لاهوت الانقسام هو نتاج رغبة اللاهوتيين في إيجاد مكان للكنيسة حيث، بحسب افتراضاتهم المسبقة، ليس لها مكان. لكن المشكلة كلها هي أنه، من وجهة نظر أرثوذكسية، هذه أسئلة بدون جواب، لأن السؤال بكامله مطروح بشكل خاطئ ومُصاغ بعبارات خاطئة. هذا يمكن إثباته على أفضل وجه بحقيقة أن لا الكنيسة الأولى ولا كنيسة زمان المجامع المسكونية قد طرحت هذه الأسئلة، وهي في اللاهوت الأرثوذكسي المعاصر نتاج تأثير كاثوليكي، وبشكل أكثر عمومية، غربي.

عنى الانقسام للكنيسة البيزنطية خروج واحدة أو أكثر من الكنائس المحلية عن الاتفاق الجامع وبالتالي عن الإيمان المألوف المعبّر عنه بهذا الاتفاق ومن خلاله، وأكرر ليس كانفصال عن كائن حي عالمي، ولا كانقطاع عن الكنيسة الشرقية وكأنها، بمعنى ما، مصدر الكنيسة، لا بل كانتهاك للتقليد والحق. لكن، بقدر ما تظهر الكنيسة هويتها الوجودية وتعترف بها في وحدة التقليد هذه، في هذا الحق الجلي، حيث وحدة الإيمان هي شرط هذه الهوية، يعيق انتهاك الاتفاق الجامع الشركة في الأسرار. بالنسبة للكثلكة، الانقسام هو بالتحديد قطع الشركة مع روما لأن روما هي مصدر الكنيسة ومصدر وحدتها المنظورة. عبارة “روماني” «Romana» هي بالحقيقة صفة كنسية تتضمّن صفات الرسولية والوحدة والجامعية. لكن، بالنسبة للكنيسة الشرقية، الصفة الكنسية التي في غيابها لا يمكن الاعتراف لا بالرسولية ولا بالوحدة ولا بالجامعية ليست “الشرق” بل “الأرثوذكسية”، أي ملء التقليد والوحدة الأصيلة في الإيمان. هذا يعني أنّه عندما تخرج كنيسة أو أكثر من الكنائس المحلية عن الاتفاق الجامع، لا تستطيع الكنيسة الأرثوذكسية أن تثير مسألة شرعيتها ككنائس، لأن خارج ملء التقليد، خارج الحق الظاهر الذي هو الأرثوذكسية، لا يمكننا أن “نعرف” هذه الشرعية ولا أن “نعترف بها”. التقليد بهذا المعنى هو الذي يسمح لنا بأن نفهم وأن نتقبّل بشكل صحيح ما قام به الله لنا، وأن نتقبّل فعلياً سر خلاصنا، ومن ثمّ نحن لا نعرف شيئاً كشرعي أو غير شرعي خارج هذا التقليد.

لنورد مثلاً: عندما عبّر بطريرك موسكو سرجيوس وغيره عدد من اللاهوتيين الأرثوذكس عن أن موضوع شرعية السيامات الأنكليكانية لا يمكن حلّها في الكنيسة الأرثوذكسية من دون اتفاق عقائدي عام، فهذا يعني، حسبما أرى: بالنسبة لنا مسألة “الشرعية” لا تنفصل عن “التفسير” الصحيح، لأن هذا “التفسير” هو قبول شرعية الخلاص المحقق مرة وللأبد. وهذا التفسير الملائم هو تقليد الكنيسة المعبَّر عنه في الاتفاق الجامع.

هذا شرح الحقيقة، التي سبق لي ذكرها، وهي أن الكنيسة البيزنطية، في دفاعياتها ضد الكنيسة الغربية، أثارت بشكل ثابت المسألة، ليس من جهة إعادة الارتباط بالكنيسة الغربية، ولا من جهة الاعتراف الطبيعي بالأسرار أو التنظيم الكنسي، بل فقط على مستوى العقائد الذي عليه انتهكت الكنيسة الغربية الحق وابتعدت عن الاتفاق الجامع: انبثاق الروح القدس، إلخ… لقد كان الأمر هكذا لأن في الاتفاق العقائدي وحده، وبشكل أكثر تحديداً في اتفاق الإيمان، يمكن الاعتراف بأسرار كنيسة أخرى وتبادل هذا الاعتراف، أي بكلام آخر يمكن اعتبار هذه الكنيسة كنيستنا. في الملاذ الأخير، الاتفاق العقائدي هو المعيار الضروري للاعتراف بكنيسة أخرى، على أنها نفْس كنيستنا؛ من دون هذا المعيار لا تعود الوحدة الخارجية تعبّر عن الوحدة “الوجودية”. يتبع من هذا أنّه بالرغم من استحالة أن يكون للكنيسة الأرثوذكسية “لاهوت انقسام”، إذ لا يمكن تفسير ما هو سلبي إيجابياً وبالتالي لا يمكن “تبريره”، إلا أنها تعرف الشروط الحقيقية لإعادة الوحدة والسبيل المؤدية إليها. أنا لا أكشف جديداً في قولي أن هذه الطريق لا يمكن أن تكون غير طريق الوحدة العقائدية، الوحدة العقائدية الصحيحة. هذا الاتفاق العقائدي، على ضوء ما ذكرت، لا يتضمّن فقط اتفاقاً حول بعض النقاط المحددة، أي الحد الأدنى العقائدي معرَّفاً على نحو زائف، بل يتضمّن تكامل “الملء التاريخي” للتقليد. إن انقساماتنا كانت بالدرجة الأولى نتيجة انقطاع في الاتفاق الجامع، ضيق في أفق التفكير الكنسي وقصور في اختبار الإنسان للكنيسة. ودعوة الكنيسة الأرثوذكسية للعودة إلى الآباء وإلى المجامع ليست دعوة لا إلى الشرق ولا إلى نفسها، بل إلى تلك الجامعية الكاملة الأصيلة التي اختبرتها الكنيسة وبرع الآباء والمجامع في التعبير عنها. إن أولى مهماتنا هي اكتشاف لغة الكنيسة التي من دونها لا يمكن إدخال الصيغ والتحديدات إلى دستور الإيمان وحتى لا يمكن أن تكون هذه الصيغ والتحديدات المحتوى الحقيقي لإيماننا.

في الممارسة، هذا يعني أن الوحدة العقائدية مستحيلة من دون درجة معتدلة من الوحدة المذهبية. الوحدة العقائدية هي بداية نمو لامتناهٍ في “ملء الوحدة”، وفي عملية النمو هذه، كل هذه التوترات بين المدارس المختلفة والعقائد، التي طالما كانت موجودة في المسيحية، شرعية لا بل ضرورية. لكني أريد أن أشدد مرة أخرى على أنه لا يمكن تحقيق الوحدة العقائدية من دون درجة مقبولة من “تكامل” تاريخ الكنيسة، أي خبرتها التاريخية. علينا أن نعود مجدداً لنتبع سير تاريخ الكنيسة، نختبر من جديد هذا التاريخ كتاريخ لنا؛ ينبغي أن يحيا ماضيها ويصير حاضرنا الحالي. ينبغي أن يصير أساس وحدتنا وسيماءها في الكنيسة ومن ثمّ وحدة الكنيسة نفسها. الكنيسة واحدة لأن الكنيسة هي الوحدة. لقد لاحظ أحدهم خلال أحد المؤتمرات أن الفرق أساسي بين “الكاثوليك” و”البروتستانت” لا يكمن في مقاربة مختلفة للإنجيل وللكنيسة وغيرها، بل في أن الملاذ الأخير، بالرغم من أن عندنا إنجيل واحد، وحادثة خلاص واحدة، كلٌ يؤمن بيسوع المسيح مختلف. في النهاية، كل تقليد الكنيسة ليس سوى جواباً على سؤال: مَن كان، مَن يكون يسوع الناصري؟ وفقط في التقليد، في كامل خبرة الكنيسة وحياتها، نكتسب – ليس جزءاً أو وجهاً من الإنجيل، ولا “عقيدة كتابية” في هذا الموضوع أو ذاك – بل الإنجيل بكامله، كامل سر الخلاص الذي أُعلِن في الإنجيل وهو يقطن أبداً بملئه في الكنيسة. لهذا السبب، وحدة التقليد ليست حالة أو نتيجة لوحدة الكنيسة، إنها بالحقيقة الوحدة المنظورة للكنيسة. وحدة التقليد هذه تحدد وحدة بنيتها الخارجية، ولكن فقط فيها تصير وحدة البنية هذه فعلية وشرعية. بالتالي لا يمكن اعتبار أياً من التسلسل الرسولي أو الأسقفية أو الأسرار كأساس للوحدة بذاته، بل أساس الوحدة هو فقط إيمان الكنيسة الظاهر في التقليد الذي يهب كل هذه البنية قيمتها الحقيقية ويدرك شرعيتها.

في الختام، أرى أن أمامنا طريقاً شاقاً وطويلاً، هو الطريق الذي يؤدّي إلى “تكاملية” تقليد الكنيسة العالمي الجامع. كل محاولة لتجنّب هذا الطريق وإيجاد نوع من الوحدة “الأخروية” خارج ظهورها التاريخي “الملائم”، سوف يقود لا إلى الوحدة الحقيقية بل إلى وحدة بحت بشرية، بديلة مؤقتة، وإلى معاكسة تجسّد الكنيسة. إن عبارة “إعادة الاتحاد (reunion) مع الأرثوذكسية” تعبّر بالجوهر عمّا حاولت أن أقول، وفقط إذا تقدمنا على هذا الطريق لا تعود هذه العبارة في نظر إخوتنا الغربيين علامة للغرور البشري، وتتكشف لنا على أنها خاتمة الطريق الوحيدة الممكنة والنهاية الصحيحة للرحلة.

Adress given at the Annual Conference of the Fellowship of S. Alban and St Sergius at Abingdon, England in August 1950. From Theologia, ΚΒ, 1951, p. 243-254

 

مراجع

 

M.—J. Congar, Chretiens Désunis. Principes d” un «cecuménisme> catholique. Paris, 1937, p. 109.

Cf. E. Every, «The Catholicity of the Church» in «Sobornost» Series 3, N. 6, Winter 1949, pp. 233 — 238

Florovsky: L’Église : sa nature et sa tâche. In «L’Église universelle dans le Dessein de Dieu» vol. I, 1949, p. 70.

Dom Clement Lialine. Une Etape en Ecclesiologie. Irénikon 1950, tiragè a part.

Leave a comment