فاسولا ريدن


النبية الكاذبة فاسولا ريدن

ترجمة إدارة شبكة القديس سارافيم ساروف

مراجعة الأب أنطوان ملكي

في رسالة مؤرخة بتاريخ 24 نيسان (2010)، نُشرت على موقعها الرسمي، ادعت رايدن بأن تحذيرات من بركان أيسلندا لهذا العام والنيزك الذي شوهد في وسط وغرب أمريكا قد وردت في رسائلها، وأنّ الصلاة التي لقّنها إياها يسوع ورددها أتباعها قد خففت من تأثيراتهما إلى هذا الحد… وتقول الرسالة أنه إذا استمرت السلطات الكنسية في محاربة الله ومنعه من الكلام (من خلال فاسولا رايدن) فإن الناس سوف تنقلب عن الإيمان وعقاب الله بالنار سيكون رهيباً.

وتدّعي فاسولا بأن الرب يسوع أعطاها صلاة خاصة في تشرين الثاني عام 2009 للحد من تأثيرات البركان والنيزك الكارثية. وتذكّرهم بأنها سبقت وتنبأت عن أحداث 11 أيلول وكارثة تسونامي. وادّعت بأنها طرحت على يسوع السؤال “لماذا يسمح بكل هذا؟” فأجابها أنّ الناس يموتون بسبب “الإرتداد عنه”. وتدعي أن الذين ينتقدون نشاطاتها ويمنعون الناس عن الإصغاء لها سوف تأخذ بهم العدالة الإلهية إلى الجحيم (10 كانون الثاني 2002). وأحدى أهم النقاط التي وردت في رسائلها المزعومة هي تلك التي تدعي فيها أن الرب قال “ الآن أرعى كرمتي بيدي شخصياً” (22 آب أوغسطس 1989) وأن الرب سيختار “كهنة الله الحي، كهنة الأمين، ومن خلال الكهنوت الجديد سيعيد بناء الكنيسة“ (29 تشرين أول أكتوبر 1991)، وكأن الكنيسة لم تكن في رعاية الرب مخالفة بذلك قوله “وها أنا معكم كل الأيام حتى انقضاء الدهر”، وقوله “متى اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي أكون حاضراً في وسطهم“ وقوله “لا أترككم يتامى“ في وعده بحلول الروح القدس في الكنيسة وبقائه معها إلى يوم المجيء الثاني

 

من هي فاسولا ريدن؟

في العام 1985 بدأت تنشر رسائلها مدعية أن الملاك الحارس “دانيال“ كان يلقنها ما تكتبه وكان يحرّك يدها للكتابة رغماً عنها (بشكل لا إرادي)، ليحلّ سريعاً فيما بعد الرب يسوع المسيح مكانه والذي كان يخط رسائله من خلالها والذي دعاها لتنادي “بالحياة الحقيقية في المسيح“. وقد أكد عدد من الخبراء أنها مزيج من تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية مع الكنيسة الكاثوليكية وبعض النبوءات والتحذيرات من أحداث كارثية. ووفقاً لموقعها الخاص على الإنترنت “الحياة الحقيقية في الله TLIG “ فقد وُجّهت لها الدعوات لأكثر من 90 بلداً في العالم وألقت أكثر من 900 محاضرة، حتى أنه وفق زعمها قد طُلب إليها أن تتحدث عن الوحدة ثلاث مرات في مجلس الكنائس العالمي في جنيف (لم نتمكن من التحقق من صحة ذلك)

ورغم انها تصرّح بأنها يونانية أرثوذكسية لكنها حاولت منذ بداياتها الحصول على موافقة الكنيسة الكاثوليكية، وفي الواقع أن الكثيرين من أنصارها بمن فيهم الإكليريكيين هم كاثوليك. كما أن دعواتها لتقديس قلبَي مريم ويسوع وعبادتهما هي دعوات كاثوليكية لا أثر لها في الكنيسة الأرثوذكسية، ناهيك عن دعوتها الناس لصلاة المسبحة الوردية وزيارة المزارات الكاثوليكية فحسب، قائلة نقلاً عن إحدى رسائلها المزعومة “مباركين هؤلاء الذين يقيمون صلاة المسبحة الوردية“. كما أنها تؤمن بالعذاب وبأن الصلاة تقي منه، وادّعت أنه أتيح لها رؤية الجحيم ووصفت أموراً بعيدة عن تصوّر الكنيسة له. وفي الحقيقة يصعب على المتتبّع لرسائلها أن يجد أي روح أرثوذكسية فيها – كما تدّعي- . هذا ويوجد لها اعتراف على أحد الفيديوهات تقرّ فيه بأنها لم تكن تتردد على كنيسة و”لم تكن تبحث عن الله مطلقاً“، بل كانت تؤمن بأن الله موجود دون أن تتلقى أي تعليم ديني محدد. وعندما تزوجت من أحد اللوثريين البروتستنت هجرت الأرثوذكسية واتبعت إحدى الحركات العالمية التي أرسلتها إلى أماكن متفرقة في العالم. ولم تكن لا هي ولا زوجها ممن يمارسون أي شعائر دينية. وفي عام 1985 وبينما كانت تكتب قائمة باحتياجاتها من الخضار فجأة رأت ملاكها الحارس يحرك القلم ويكتب على الورقة ما يريد أن يقول لها، وقدم نفسه باسم “دانيال“ وأمَرَها بقراءة الكتاب المقدس ومن ثم صارت الرسائل تأتي من الله

وقد أصدرت كلتا الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية تحذيرات جدية من تعاليمها ونشاطاتها، لكنها لم تزل تجد مناصرين من كبار الإكليروس الكاثوليكي مما يوحي لأنصارها بأن الكرسي الرسولي يدعمها وبأنّ هناك مؤامرة في الأوساط الفاتيكانية كانت وراء التحذيرات التي صدرت بشأنها. واعتبر أتباعها أن عدم الاعتراف بأن يسوع يتكلم معها من قبل السلطات الكنسية هو تكرار للتاريخ عندما لم يصدّق اليهود أن يسوع هو “المسيّا “. ولذلك فإن “الأمناء“ من رجال الدين الذين صدّقوها هم بمثابة رسل العصر الجديد الذين سيتلَمِذوا العالم . وقد وصفها أحد أتباعها بأنها “واحدة من أعظم أنبياء الله كما كان أنبياء العهد القديم، وأنّ رسائل الحياة الحقيقية في المسيح التي تنشرها ليست سوى إحدى أهم عطايا الله للجنس البشري، وأن رفض هذه الرسائل هو بمثابة التجديف الذي لا يُغتفر على الروح القدس “

ولدت فاسيولا لأبوين يونانيين في مصر عام 1942، تزوجت عام 1966 لموظف بروتستنتي في منظمة الأغذية والزراعة وأنجبت منه ولدين. بدأت منذ العام 1985 تدعي بأنها تتلقى رسائل موحاة من يسوع المسيح، محتواها يدور حول الحركة المسكونية وانقلاب الناس والكنيسة عن الدين وقلبَي مريم ويسوع المقدسين. وكان لنشر هذه التعاليم والدعم الذي لاقته من قبل لاهوتيين عالميين مثل رينيه لورينتين الأثر المهم في وجود أتباع ومؤيدين لتعاليمها في صفوف العديد من العلمانيين والإكليريكيين على حد سواء (مطارنة وكرادلة في الكنيسة الكاثوليكية).

رسائلها مجموعة الآن في حوالي 10 – 12 مجلد تدور كلها تقريباً حول إثارة المشاعر الإنسانية والحديث حول الإرتداد في العالم المسيحي والكنيسة والعلمانية والعقلانية التي جعلت الإيمان فاتراً. أتباعها يدينون الإجهاض والاستنساخ والعصر الجديد، ويعظون بالولاء للبابا والحاجة لقبول الأسرار وأهمية الصوم. وأخيراً وليس آخراً يدعون حدوث عجائب بتلك الرسائل حتى دون أن يوجد لها أي توثيق علمي

في السادس من تشرين الأول عام 1995 صدر عن مجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان بيان يعلن بوضوح أن الرسائل التي تنشرها فاسيولا رايدن وتدّعي أنها من السيد المسيح، بالإضافة لاحتوائها على نقاط إيجابية، لكنها تحوي الكثير من المغالطات والتناقضات مع العقيدة الكاثوليكية كاللغة الغامضة التي تستخدمها في الإشارة لأقانيم الثالوث الأقدس والخلط بين هذه الأقانيم، والادعاء بقرب وصول ضد – المسيح AntiChrist وحلول فترة من السلام والرخاء على العالم – الفكرة الألفية حول حدوث فترة من السلام والرخاء على الأرض تسبق الدينونة الأخيرة – قبل مجيء المسيح الثاني (كما في رسائل 24 كانون أول ديسمبر 1989، و10 تشرين الثاني نوفمبر 1988) .. واستغرب البيان تناقض تعاليم فاسيولا رايدن مع تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية التي تدعي الانتماء لها، ودعا البيان في ختامه كل الأساقفة الكاثوليك إلى عدم السماح لتعاليمها بالانتشار بين رعاياهم والعمل على تنوير المؤمنين لزيف هذه الرسائل

وسرعان ما احتج أنصارها على البيان وادّعوا أنه صدر بلا توقيع بمعنى أنه دون علم رئيس مجمع العقيدة والإيمان الكاردينال راتسنغر (البابا بنديكت السادس عشر حالياً)، وأنه من صياغة وصنع بعض القوى الماسونية في الفاتيكان

ورغم الشكوك التي حامت بسبب تصريحات تتسم بالليونة أدلى بها الكاردينال راتسنغر لمجموعة من مؤيديها في المكسيك في أيار عام 1996، عاد الفاتيكان في قرار له في تشرين الثاني من العام نفسه ليؤكد على أن الحظر على نشر وقراءة رسائل فاسولا، واعتبارها رسائل من وحيها الخاص هو حظر ساري المفعول ونافذ

 

اختفاء، حذف وتعديلات على الرسائل

هذه المعلومات نُشرت في مجلة إيطالية اسمها Jesus تحت عنوان “عندما يُصحح يسوع”، في تشرين الأول من عام 1996 وأشارت إلى عمليات الحذف والتعديل التي أدخلتها السيدة رايدن على رسائلها المزعومة

فقد أتلفت المدعوّة رايدن رسائل الأشهُر العشرة الأولى من دعوتها المزعومة والتي يفترض أنها الأهم في كل ظاهرة جديدة، وتعترف بذلك شخصياً وتقول “نعم لقد أحرقتهم لأن لدي الكثير منهم“، وهذه وحده يعتبر طريقة غير محترمة للتعامل مع رسائل تقول أنها من الوحي الإلهي. ولكن رينيه لورنتين لا يتردد في الدفاع عنها وينفي قيامها بإتلاف الرسائل – على خلاف اعترافها هي بذلك – ويقول أنها “لم تدمر شيئاً لكنها لم تنشر تلك الرسائل إلا أن لديها خطط للقيام بذلك“. ولا يزال الوعد قائماً منذ أكثر من عشر سنوات بنشر هذه الرسائل دون أن يتم .. هذا التناقض لا يترك مكاناً للثقة

اكتشف الأب الفرنسيسكاني فيليب بافيتش وهو كرواتي الأصل تعديلات كثيرة قامت بها المدعوة رايدن على الرسائل، عندما كان مقيماً في ميديغورييه وقد تلقى نسخاً من رسائلها قام بمقارنتها مع النسخ الأصلية المكتوبة بخط اليد لها فاكتشف وجود مقاطع محذوفة ومُشار إليها بأن الحذف تم من قبل السيدة رايدن نفسها وبالتعاون مع أحد مناصريها المدعو إرفين شلاخر Erwin Schlacher. وقد قام بإرسال الرسائل إلى المترجمة إيلينا كارفالو لترجمتها إلى اللغة البرتغالية، فقامت كارفالو بمراسلة السيدة رايدن والاستيضاح منها، وردت فاسولا رايدن عليها بالفاكس في تاريخ 1 تشرين أول أكتوبر 1993 تقول فيها مبررة ذلك: “كل شيء حذف بمشيئة الله، وبكلمتين مختصرتين، الله يعطيني رسائل خاصة ورسائل مشفّرة. في البداية قمت بتصوير نسخ عن كل تلك الرسائل، وعندما أردنا طباعتها لاحقاً جعلني الله أفهم أن الرسائل الخاصة وتلك المشفرة التي قد لا يفهمها الناس لا يجب أن يتم طباعتها.(…) لدي جهازي كمبيوتر محمول، أحدهما أدعوه الكمبيوتر الخاص، (…) والثاني هو العام والذي يحتوي على ما يجب أن يتم طباعته. الله ينقل من الكمبيوتر الخاص ما يجب أن يتم طباعته ويدخله في الكمبيوتر العام “.

وتدعي أنها في البداية قد نشرت كل شيء على الملأ لكن الله لم يرد ذلك. وفي نهاية الفاكس تقول أن اللاهوتي رينيه لورنتين سوف يدحض كلّ تلك الإفتراءات. لكن هذا الدحض لم يأتِ مما زاد في هشاشية مصداقيتها المهزوزة أصلاً. وبإجراء الفحص الدقيق لنسخ الرسائل المكتوبة باليد وتلك التي تم طباعتها منها، تبين أن المقاطع المحذوفة هي تلك التي تشير إلى نبوءات لم تتحقق، مما تسبب بخيبة أمل لبطلة الرواية. مثل رغبة العذراء بلقاء الكاهن المريمي دون ستيفانو غابي الذي لم يتم، وطلب يسوع من فاسولا أن تطلب مقابلة البابا لتغسل قدميه ومن ثم يحتفلان بدرب الصليب سويّة. ثم إشارة يسوع إلى أنه سوف يجعل الناس “تعبد“ أمّه القديسة والتي تمّ شطبها وتصحيحها بخط فاسولا إلى “يكرمون“ بدل كلمة يعبدون.

وهنا علينا أن نتساءل عن ماهية هذا الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس الذي لا يستطيع اختيار المفردات الصحيحة والذي هو بحاجة لأن يصحح عباراته وكلماته الخاصة

أخيراً وفي مذكّكرة طويلة نشرت في بلفاست عام 1994 تقول فاسولا رايدن مدافعة عن هذه التصحيحات أن الآب السماوي قال لها حرفياً في رسالة بتاريخ 12 تشرين أول أكتوبر 1986 “السلام معك، لا تترددي في تصحيح أي كلمة ترين أنها غير صحيحة أو أنها قد تتسبب لك بالإزعاج. أنا، الله، سأمنحك الشعور بذلك. هل أنت سعيدة يا فاسولا ؟“.. هذا الآب السماوي المزعوم نفسه يقول لها في رسالة مؤرخة بتاريخ 14 تموز يوليو 1992 “رددي فقط الكلمات التي أقولها لكِ، لا تزيدي ولا تنقصي، أريدك خاصة لي”.

 

الكتابة التلقائية

في لقاء مع حجاج كنديين في سويسرا عام 1991 تحدثت السيدة رايدن بنفسها عن الطريقة التي يتمّ بها تسليم الرسائل المزعومة: “كنت أعدّ قائمة باحتياجاتي للحفلة في تلك الليلة وتناولت ورقة لأكتب عليها ما أحتاج. وفي اللحظة التي أمسكت بالورقة والقلم شعرت بتيار غريب كالكهرباء يسري في كل جسدي وصولاً إلى يدي وخاصة يدي اليمنى … وخرج القلم من بين أصابعي كما لو أنني أردت التخلص منه، ولم يعد بإمكاني الإمساك به مجدداً، كما لم أستطع أن أفتح يدي مجدداً كما لو أنها التصقت. صارت الورقة كالمغناطيس ولم أعد أقوى على رفع يديّ كما لو أن وزنها صار 100 كيلوغرام. لم أكن خائفة ولا أعرف لماذا، فتركت يديّ لأنظر ماذا سيحدث. لم يكن الخط خطي وسرعان ما صارت الكلمات مقروءة “أنا ملاكك واسمي دان (دانيال)“ ولكن سرعان ما حلّ محله يسوع، الآب، مريم العذراء وقديسون آخرون“

والأمر الهام في هذا التصريح هو أنها كانت مجبرة على كتابة ما كُتب بواسطة قوة خفية خارقة، وأن الخط الذي كتبت به الرسائل ليس هو خطها لأن القلم كان يتحرك وحده دون أن تتدخل هي. فقد اعترفت شخصياً بأنها لم تكن تقوى على السيطرة على يدها عندما كان الله يكلمها (9 نيسان أبريل 1992)، وبأن يسوع مرة طلب إليها أن تكتب وقال بأنه سيسحب قوته لكي تتمكن من السيطرة مجدداً على يدها (19 كانون أول ديسمبر 1989)

وهنا نعتقد أنه ليس من طبيعة الإله الذي نعرفه في الكتاب المقدس أن يسيطر على الشخص الذي يتواصل معه ويلغي حريته، وليس من المعروف أن هذا الشخص يصبح “ سكرتيراً لله “ يكتب املاءاته

 

بعض ادعاءاتها

–  بأن هناك قوىً أعطيت لها: ورد في رسائلها “ كل الأعمال سأفعلها أنا – تعني الرب يسوع – من خلالها، وسأتكلم من خلالها“ (10 تشرين الثاني نوفمبر 1987)، و“محبتك لي سوف تشفيهم، سوف أستخدم حبك لي لكي أشفيهم. اشفِهم، اشفِهم يا فاسولا، إنك تحملين معي صليبي “ (10 شباط فبراير 1987)

– بأنها دُعيت لمهمة كبرى لها أهمية حيوية بالنسبة للكنيسة والعالم: “يا صيادة البشر، انشري شبكة الحب والسلام في العالم … عندما كنتُ بالجسد على الأرض علّمت مجموعة صغيرة من الرجال كيف يصبحون صيادي بشر، وتركتهم في العالم لينشروا كلمتي لكل الناس. انا الرب يسوع أطلب إليك وسأريكِ كيف يتم هذا العمل“ (26 نيسان أبريل 1987)، وتدّعي أنها كاهنة “ يا كاهنتي، لأنك كاهنتي سوف أكون معك ولن أتركك وحدك “ (17 آذار مارس 1987

– لرسائلها سلطة تفوق كل سلطة روحية: “ولكن بالطبع يا فاسولا أنت لا تنتمين لهم، أنت تخصينني وحدي، أنا خالقك وأبوك الأقدس، أنتِ تحت سلطتي .. إذا سألوكِ إلى من تنتمين فقولي أنك تخصينني أنا وأنك تحت سلطتي“ (27 تشرين أول 1987). وفي رسالة أخرى “انهضي يا ابنتي الكنيسة بحاجة لك“ (وليس العكس !، 29 آذار 1988)، وفي رسالة أخرى “من أجلي يا فاسولا سوف توحدين كنيستي“ (3 تموز 1987)

– تدعو ريدن إلى اختبار “العلاقة الشخصية “مع الله، وتقول في محاضرة لها في آسيا: “ … من المهم جداً ألا نصير بيروقراطيين، كتابيين، أو لاهوتيين بشكل آلي. بل أن نعطي الروح القدس المساحة اللازمة لكي يكشف عن نفسه وأن نبني علاقة وطيدة مع الله، وعندها فقط يمكننا ان نخدم الله وشعبه”.

 

إيحاءات جنسية

عند المرور على هذه الداعية الشيطانية لا بد وأن نقف عند الأمور المقرفة والمقززة التي ذكرتها في تلك الرسائل، وفيها خير دليل على طبيعة من يتراءى لها وماهيته، وهو فعلاً ذلك الذي بإمكانه أن يغير من هيئته ليصير كملاك، ونعني هنا الشيطان عدو الكنيسة

هنا مقتطفات من “الحوار” بينها وبين يسوعها المزعوم

“شاهدت بعينيّ الروحيتين الرب يسوع يجلس إلى الطاولة معي يراقبني وأنا أتناول الطعام. قال لي “ هل هو جيد؟” فقلت “نعم، شكراً لك يا رب “ (25 أيار 1988)

– يسألها يسوع “ هل تعلمين كم أحبك؟ “. تجيبه “ نعم يا يسوع “. فيقول “ لماذا إذاً ترفضين أن أقبّلك ؟ … ألم أخبرك من قبل يا فاسولا أن لا ترفضي لي طلباً ؟ بماذا أجبتني؟ “ . فتقول “ بأني لن ارفض لك طلباً مهما يكن “. يتابع يسوعها “ لماذا إذاً ترفضين قبلتي يا فاسولا؟ … اسمحي لي أن أقبّلك، دعيني أفعل ؟ هل ستدعيني الآن؟ تعالي إليّ واشعري بقبلتي، قبلة سماوية على جبينك، هل أنت مستعدة؟ “ (19 آذار 1987)

 

موقف الكنيسة الأرثوذكسية

عبّرت الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية عن هذا الموقف – بحكم أن السيدة رايدن يونانية الأصل – في عام 2001 عندما اجتمعت “اللجنة المختصة بمحاربة الهرطقات“ واتخذت القرار التالي بشأن فاسيولا رايدن (ترجمة غير رسمية عن اللغة اليونانية): ” بعد ان تدارست اللجنة الأدلة المطروحة، استخلصت أن فاسولا رايدن قد فصلت نفسها عن شركة الكنيسة الأرثوذكسية، رغم أنها لم تزل تقدم نفسها على أنها تنتمي إليها. ويجب أن يكون معلوماً أن المجلة الدورية الكنسية Dialoge قد نشرت في الأعداد 1 و17 تقارير مفصلة عن منظمة فاسولا رايدن “.

وقد طالبت فاسولا وزير العدل اليوناني بمحاكمة سكرتير المجمع اليوناني المقدس الأب كيرياكوس تسوروس آنذاك بتهمة الذم والتشهير، ولكنها سرعان ما تراجعت وتخلت عن تلك الدعوة

في قراءتنا للكتاب المقدس نطالع عدة نماذج لأشخاص تراءى لهم ملائكة الله، فالنبي دانيال لما ظهر له الملاك وقع ارضاً من الخوف (دانيال8: 17)، والرعاة الذين ظهر لهم ملاك يبشرهم بميلاد المخلص كانت أولى الكلمات التي قالها لهم “لا تخافوا“ مما يعني أن هلعاً أصابهم للوهلة الأولى من رؤية ملاك (لوقا2: 10)، وأخيراً التلميذ الذي كان الرب يحبه يوحنا قد سجد للملاك الذي رآه مرتين وفي المرتين كان الملاك ينهيه عن ذلك (رؤيا19: 10، 22: 8). أما فاسولا فتقول حين ظهر لها الملاك أول الأمر “كنت سعيدة جداً وأحلّق في أرجاء المنزل وبالكاد تلامس قدميّ الأرض، وأردد بصوت عالٍ: أنا أسعد شخص على هذاه الأرض، وأنا ربما الشخص الوحيد على الأرض الذي يمكنه أن يتواصل بهذه الطريقة مع ملاكه“. ناهيك عن أن حركة الكتابة الغريبة التلقائية تختلف عن كل أولئك الذين ظهرت لهم ملائكة في الماضي كما يذكر الكتاب المقدس

وتدّعي فاسولا أنها الرسول الذي اختاره المسيح في يومنا هذا لكي يُظهره للعالم، وكأنه قد تخلى عن كنيسته التي تشهد له في العالم. وادّعت أنه طلب إليها قائلاً “أحبك كما أنتِ يا فاسولا .. كوني عروسي“. ومن المعروف أن لقب المسيح “العريس = الختن“ في الكنيسة الأرثوذكسية جاء من اعتبار أن الكنيسة هي عروس المسيح الوحيدة بالمعنى المجازي للكلمة، وهذا المصطلح استخدمه الرب يسوع عن نفسه بأنه العريس “لا يصوم بنو العرس مادام العريس معهم ولكن تأتي أيام عندما يرفع عنهم العريس فحينئذ يصومون“. وقد يتبادر للذهن أن الكنيسة تسمّي بعد قديساتها “عرائس“ المسيح، لكن ذلك هو معنىً مجازي أعطيَ لأولئك الذين عاشوا حياة القداسة والبتولية ولم يكونوا في حياتهم متزوجين، إنه لقب يعني أنهنّ عِشنَ “ مكرّسات “ للمسيح وحده دون سواه

تهاجم الرسائل المزعومة كل من يحاول إيقاف فاسولا وتنعته بأنه يؤذي الكنيسة، ولا يحضرنا أي قديس على مرّ الزمن قد حظي بمثل هذا الدفاع. فالكتاب المقدس يتحدث على أن اضطهاد الكنيسة هو اضطهاد للمسيح نفسه، كما يخاطب الرب شاول (بولس الرسول) على طريق دمشق “شاول شاول لماذا تضطهدني؟“ ولكن لم يكن هناك أي إشارة لشخص محدد. وحدهم الأنبياء الكذبة يدافعون عن أنفسهم بهذه الطريقة ضد أي نقدٍ أو تكذيب

تدعي ريدن أن الرب اختارها لأنها أكثر عجزاً وبؤساًً من أي رجل عرفه، وبأن مسكنتها تجذبه لكي يواسيها. إن القاريء الفطن للكتاب المقدس يرى في حديث الرب مع شاول، ذلك البطل اليهودي ومضطهد الكنيسة بإفراط، ليحوّله من أكبر عدو للكنيسة إلى واحد من أهم رسله، هو بذاته معجزة خارقة تستحق الوقوف عندها. ولا يمكن المقارنة بين ذلك وبين تحويل فتاة غير مؤمنة إلى داعية للسلام والوحدة، ليس في هذا ما يستحق الذكر على الإطلاق

في إحدى الرسائل ادّعت أن الرب يسوع قال لها “.. الروح القدس يأتي مني … الثالوث الأقدس هو واحد، يمكنك أن تدعوني الآب أيضاً“.. وهنا تبرز مشكلة الفيليوك أي الإضافة التي قام بها الغرب على قانون مجمع نيقية بأن الروح القدس ينبثق من الابن أيضاً. وهذا قد أدين ورُفض من قبل الكنيسة الأرثوذكسية في حينه وحتى اليوم. والأمر الآخر هو السقوط في هرطقة قديمة كانت قد رفضتها الكنيسة في القرون الأولى وهي تدّعي أن الله واحد لكنه يُظهر نفسه في ثلاثة هيئات مختلفة كما الماء الذي يمكن أن يكون بخاراً وسائلاً وصلباً، ولكن ليس الجميع معاً في وقت واحد. في عقيدة الثالوث يؤمن الأرثوذكس كما الكاثوليك والبروتستنت أن الله واحد قد كشف عن نفسه من خلال أقانيم ثلاثة، ولا يمكن أن ندعو الإبن أباً لأن الآب هو الآب والابن هو الابن. والأقانيم الثلاثة متحدة في الجوهر لكنها منفصلة أيضاً عن بعضها (لا اندماج ولا انحلال وكذلك لا انقسام ولا تباين)

 

هل لديها دعم كنسي حقاً ؟

رغم انها تضع على موقعها الرسمي شهادات لبعض كبار رجال الدين، لكن الحقيقة هي غير ذلك. فالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية التي تدعي الإنتماء إليها قد قطعتها من الشركة Excommunication، ورفضت دعواتها كذلك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. ومن جهة ثانية فقد أدانتها الكنيسة الكاثوليكية ومعظم من تضع أسماءهم في موقعها الرسمي قد أعلنوا عدم تصديقهم لها مثل المطران توماس ماركوريلوس وجوزيف مارتوماس في الهند. وكثير من المطارنة واللاهوتيين أعلنوا لاحقاً أنهم لم يكونوا على علم بمن تكون وأنها في معظم الحالات كانت تطلب الإذن بالكلام وكان يُعطى لها

 

خاتمة

حذّر القديس مكسيموس المعترف من أنه قد “تهاجمنا الشياطين بشكل غير منظور تحت ستار الصداقة الروحية” (Third Century on Theology, 78).  وجاء في كتاب الفيلوكاليا عن لسان القديس بطرس الدمشقي “ليس عجباً أن يغير الشيطان نفسه ويظهر في هيئة ملاك من نور (كورنثوس الثانية 11: 14)، إنه يزرع في داخلنا أفكاراً تبدو أنها صحيحة عندما نفتقد للخبرة الكافية “ (الكتاب الثاني، الفصل التاسع)، ولنا في قول الرسول بولس عبرة واضحة: “لأن مثل هؤلاء هم رسل كذبة، فعلة ماكرون، مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح ولا عجب  لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلى شبه ملاك نور، فليس عظيما إن كان خدامه أيضا يغيرون شكلهم كخدام للبر. الذين نهايتهم تكون حسب أعمالهم (كورنثوس الثانية11: 13-15 ).

Leave a comment