حول إنجيل شفاء ابن أرملة نايين

الأب أنطوان ملكي

“فلما رآها الرب تحنن عليها”. أمام منظر الأم الثكلى لا ينفع الكلام الذي يتكرر في الجنازات، وحده حنان الرب يسوع ينفع. ترِد كلمة تحنن 13 مرة في العهد الجديد وهي دائماً تشير إلى السيد المسيح، لأنه هو المتحنن. في المقطع الإنجيلي يقابل الرب يسوع معطي الحياة موكب الجنازة، أي تتقابل الحياة مع الموت والحزن، فيغيّر تحننه الحزنَ إلى فرح. عند اليهود، كان لمس نعش الميت عملاً منجّساً، ولكن القدوس الطاهر لمس النعش وأقام الميت، فهو لا يتنجس.

في البداية قال الرب للأم “لا تبكي” أي أنه قبل أن يلمس النعش لمس قلبها. كلمة “لا تبكي” لا تعزّي أمّاً فقدت وحيدها إلا أن مقابلة المسيح أدخلت العزاء إلى قلبها. تختلف هذه المعجزة عن إقامة ابنة يايرس وإقامة لعازر، إذ إن المسيح هو الذي يبادر بصنع المعجزة دون أن يسأله أحد وذلك ليعلن أنه أتى ليعطي الحياة للبشر، فهو ليس قادراً على أن يقيم من الموت الجسدي وحسب بل على أن يقيمنا من موت الخطيئة أيضاً.

إيليا وأليشع وغيرهما ممن أقاموا أموات، أقاموهم بالصلاة لله. أما المسيح فبأمره ودون أن يصلي. الأرملة هنا تشير إلى البشرية التي صارت كأرملة بفقدها نعمة الله ولذة العشرة معه. أما الشاب الميت فيشير لكل نفس أفقدتها الخطيئة حياتها. هناك أموات كثيرين ماتوا أيام السيد المسيح ولم يقمهم، فالسيد لا يهتم بأن يقيم الأجساد لتموت ثانية، بل هو يريد أن يعلن أنه يريد قيامتنا من موت الخطيئة لحياة أبدية، وإقامته لهذا الشاب خير دليل على إمكانية حدوث هذه القيامة الأبدية.

لمسُ السيد للنعش يظهِر أن جسد المسيح المتحد بلاهوته قادر أن يعطي حياةً لمن يتلامس معه، فهو له سلطان على محو الموت والفساد “من يأكلني يحيا بي”، وهو بهذا يقصد سر الافخارستيا الذي يعطي فيه جسده للأكل “خذوا كلوا هذا هو جسدي”.

“قال ايها الشاب لك اقول قمْ. فجلس الميت وابتدأ يتكلم فدفعه الى أمه”. هذا هو يسوع المتحنن الرؤوف أعاد المفقود الى أمه لأنه هو القيامة والحياة وغالب الموت. إن يسوع المسيح هو ينبوع الحنان الحقيقي الذي يمكن أن يشرب منه الإنسان المُتعَب والمحتاج، فهو الذي أخذ جسداً وشابَهَنا في طبيعتنا حتى يمكن ان نرتوي من حنانه وبصورة مباشرة.

* عن نشرة الكرمة